جهل الائتلاف السوري يحوّل مطاحن القمح الى "بلدة الطواحين
في ريف دمشق على الطريق إلى الوادي الأخضر، حيث الجبال الشاهقة تمتد على يمين الدرب، والغابات ذات الأشجار الكثيفة تتقافز بينها الغزلان والدببة، والنهر المتلألئ يهدر في مجراه العريض، تقبع "بلدة الطواحين" الخيالية التي استهدفتها قوات النظام بالصواريخ وأوقعت فيها مجزرة مهولة
لوصف الجغرافي للمكان هو اجتهاد شخصي مني بعد بحث جهيد في المخيلة، أما بقية الحكاية فوردت في بيان للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة حول مجزرة "بلدة الطواحين" الجميلة
لعدة أيام سابقة، كانت معركة المطاحن هي الحدث الأبرز في منطقة الغوطة لأسباب عديدة. أولها أنها منحت أملاً لمئات الآلاف من الناس باستعادة رائحة الخبز الذي حُرموا منه طيلة أشهر
الخبز الذي كان أول ضحايا الحصار الخانق من قبل النظام على الغوطتين وبقية المناطق الثائرة في دمشق وما حولها. وثانيها لأن المعارك كانت قوية ودامية
وحديث الناس كان عن العملية العسكرية التي تهدف إلى تحرير المطاحن على طريق مطار دمشق، العملية التي سقط فيها مئات من الثوار والمدنيين بين شهيد ومصاب حتى اللحظة
في تقرير أصدره مركز توثيق الانتهاكات في سوريا حول المجزرة، ذكر الناشط مجد الديك في شهادته حول ما حصل، أنه لا يمكن إحصاء عدد الضحايا لأن الأشلاء لا تزال متناثرة في المكان، حيث المعارك مستمرة والمنطقة مرصودة من قناصات ومدافع النظام
يقول مجد: "لم يكن بالإمكان ضبط الأمور ومنع المدنيين من دخول المنطقة بسبب حاجتهم الشديدة للطحين الذي حُرموا منه أشهرا طويلة، وفجأة بدأت قوات النظام على بعد مئات الأمتار فقط، بفتح رشاشات الشيلكا على المدخل الرئيسي،أنا كنت موجوداً عند السكة وشاهدت بأم عيني كيف احترقت السيارات الـ 17 جميعها واستشهد وتفحم وأصيب جميع المدنيين الذين كانوا هناك ويقدر عددهم بأكثر من خمسين شخصاً، ويتعذر حتى اللحظة إخراج الشهداء والمصابين ومعرفة هوياتهم لأن المنطقة لاتزال مرصودة من قبل قوات النظام، كما شاهدت أيضا شاباً من سقبا وقد أصابته قذيفة وقطعت رأسه أمامنا
هذا غير شهداء الأيام اللاحقة حيث استهدفت قوات النظام المنطقة بصواريخ أرض أرض موقعة عشرات الشهداء والمصابين
ويروي مجد كيف كان الأهالي يقطعون الطريق على القليل من السيارات المحملة بالطحين العائد من المطاحن للحصول علىبعضه. كل ما حصل يبدو خياليا ومؤلما إلى درجة يصعب احتمالها أو تصورها. لم يصل شيء من ذلك كله للائتلاف، بل بالعكس من ذلك فإنه اعتقد ان الطواحين بلدة، ولم يعلم عن الخبز المغمّس بالدم وسبب المعركة وتفاصيلها وخلفيتها
(source)