من دمشق الحُرّة: رسالة إلى أصدقاء الحرية في لبنان الجميل
ليت للكلمات التي أكتب شفاه، إذا لرأيتم ابتسامتها. كل ما هو سوري يبتسم اليوم. الوجوه الحبيبة لأكثر من ألف شهيد في ألف غيمة
أمطرت في بلادي حياة بعد طول موت. آثار السياط ولسعات الكهرباء على أجساد أكثر من عشرة آلاف معتقل ومعتقلة، تبتسم، وتأوهاتهم في أقبية الظلام والكراهية، تبتسم
أبواب البيوت التي اقتُحمت وأسرة الأطفال الذين رُوعوا في أحلامهم، مونة المكدوس والزيتون والسمن البلدي التي أهرقت بأعقاب البنادق، أيضا تبتسم. وغطاء رأس الجدة التي قتلت في المرقب يبتسم، وكذلك دموع الطفل أبا زيد الذي أفاق على جده وأعمامه في مقبرة جماعية، ووجهه الصغير الباكي يختصر أوجاعنا على مدى أجيال. عنفوان الشباب الذين بُطحوا أرضا ودعست الأحذية العسكرية على رؤوسهم في ساحات المدن، يبتسم، وكذلك لوعتنا وقلقنا على أحبتنا الذين فقدنا أخبارهم وراء أسوار أجهزة الأمن
كل الألم السوري يبتسم اليوم، ليس لأننا شعب يهوى المعاناة، بل لأننا كنا على هذا الألم منذ الأزل، فرادى وحيدين وعاجزين عن مقاومته. ألم يتعرض للإنكار من القريب والغريب على حد سواء، إنكار بدعوى الخوف أو التملق أو النفاق أو المصالح أو الشعارات الرنانة. واليوم هذا الألم يعلن عن نفسه ويفرض نفسه على العالم أجمع، بالصوت والصورة والنبض وهتاف الحرية والسلمية، بجثامين الأطفال ولوعة الأمهات وشجاعة الشبان والشابات. يعلن عن نفسه منتفضاً ضد نفسه، ضد الإذلال ودعاوى الذل التي ألصقت بأصحابه، ومن أجل ما يستحقون من كرامة ومن حرية. والألم السوري يبتسم اليوم، لأن الأحرار في غير مكان من العالم، مسّدوه بكلمة أو موقف أو اعتصام أو إشعال شمعة. ولأن بيروت الحبيبة، وعبر لقائكم هذا، تستحضر اليوم ابتسامة سمير قصير التي تظلل حكاية الانتفاضة السورية المستمرة من أجل الحرية
ولأنه أخيرا، يرى في الآتي، بلادي وهي جميلة أبية ومنيعة ضد الاستبداد والمستبدين
من دمشق إلى بيروت، لكم جميعا سلة ياسمين ومحبة إلى أن نلتقى على حرية
الرحمة لشهدائنا الأبرار، والحرية لمعتقلي الانتفاضة السورية ومعتقلي الرأي في كل مكان
(source)