top of page
Featured Posts

يسلَمون ويستلمون

أعلنت الخارجية السورية أخيرا عن مصير السيد فالح المنصوري. بعد أربعة أشهر من اعتقاله، التوقيت مناسب جدا الآن للإعلان عن تسليمه إلى السلطات الإيرانية. لا أحد سيلتفت إلى هذا الانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان، في ظل ضجيج الآلة الحربية الإسرائيلية وقوافل الموتى والجرحى والمهجرين اللبنانيين.من غير المنطقي أن تحدد مصائر الناس بناء على تحسن أو تردي العلاقات بين الدول، أو بسبب مصالح سياسية معينة تضرب بعرض الحائط أبسط معايير حقوق الإنسان. يبدو ذلك في منتهى العبثية. لكنهحصل، ويتكرر، ولا يوجد ما يشير إلى أنه سيتوقف عن الحدوث في المستقبل القريب

تقول اللجنة السورية لحقوق الإنسان نقلا عن مصادر في حزب النهضة العربي الأحوازي، أن الأمين العام السابق للجبهة القومية لتحرير عربستان، خليل عبد الرحمن حسن الحمد التميمي، اعتقل عام 1987 على يد جهة أمنية سورية، و"اختفى بعد اعتقاله كل أثر له. على الرغم من أنه سافر إلى سوريا ونشط فيها منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي من أجل قضية عربستان، حيث حظي بدعم وإسناد قويين من القيادة القومية لحزب البعث السوري...وتزوج من سيدة سورية وأنجب منها". وتضيف اللجنة، بأن اعتقاله جاء بسبب تحسن علاقات النظام السوري مع النظام الإيراني!.(بيان اللجنة بتاريخ 16-11-2005).هذا الحدث الذي مرت عليه سنوات طوال، يتكرر حاليا مع الأهوازيين الموجودين – أو المارين- في سوريا

بتاريخ 15-9-2005 اعتقلت الأجهزة الأمنية السورية الأحوازي سعيد صاكي، وقامت بعد ذلك بتسليمه إلى السلطات الإيرانية في الرابع عشر من أيار الماضي

وفي الحادي عشر من أيار 2006، اعتقلت الأجهزة الأمنية السورية كلا من :فالح عبد الله المنصوري، رئيس منظمة تحرير الأهواز،هولندي الجنسية-رسول مزرعة، عضو منظمة تحرير الأهواز-طاهر علي مزرعة- جمال عبدوي-موسى سواري. بالإضافة إلى الطلبة الجامعيين أحمد عبد الجابر أبيت- جمال عبيدي- عيسى ياسين الموسوي. وقد أفرج عن الثلاثة في وقت لاحق بينما تم تسليم المنصوري إلى السلطات الإيرانية،وفقا لمنظمة العفو الدولية (بيان المنظمة 11-8-2006) .الجدير بالذكر، أن معظم هؤلاء يحملون صفة لاجئ من المفوضية العليا للاجئين. بينما يحمل السيدالمنصوري الجنسية الهولندية التي لم تحمه من الإجراء التعسفي الذي اتخذ ضده. فقد أعلنت وزارة الخارجية السورية أخيرا تسليم فالح المنصوري إلى السلطات الإيرانية، فيما يبدو أنه جواب متأخر على سؤال السلطات الهولندية عنه

بطبيعة الحال، لا يعرف شيء عن مصير من تم تسليمهم. فيما أبدت منظمة العفو قلقها من إمكانية تعرضهم للتعذيب وإساءة المعاملة، أو حتى فرض عقوبة الإعدام، في الوقت الذي حكم فيه على عدد منالأحوازيين بالإعدام مؤخرا

لقد صادقت سوريا على اتفاقية مناهضة التعذيب التي تنص في مادتها الثالثة على أنه "1-لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (أن ترده) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب". وفي قيامها بتسليم أولئك المواطنين خرق لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، من غير المنتظر أن تكون له عواقبه، في ظل غياب أية آليات محاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان في المواثيق الدولية والقوانين الوطنية للدول التي تمارس الانتهاك على السواء. جدير بالذكر أن دولا أخرى قامت بتسليم عدد منالأحوازيين إلى السلطات الإيرانية كتركيا وبعض الدول الخليجية على ذمة "المركز الإعلامي للثورةالأحوازية". فالخلافات السياسية غالبا ما تنقلب إلى تحالفات في منطقتنا عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان، التي لا تجد لها تبريرا غير الادعاء بالحفاظ على الأمن الوطني والقومي. هذا الأمن المسكين نفسه الذي لا يجد من يحميه ضد نار عدوان اسرائيلي ودمار احتلال خارجي

فلو كان السيد منصوري شخصا غير مرغوب فيه، لكان الأجدى عدم السماح له بالقدوم إلى سوريا أصلا.ولو كان زملائه الآخرين الذين تم تسليمهم، أشخاصا غير مرغوب فيهم، لكان من الواجب إبلاغهم بذلك وإمهالهم لتدبر أمر الخروج إلى بلد آخر، مع العلم بأن بعضهم مقيم في سوريا منذ فترة لا بأس فيها ويدرس في جامعاتها. أما بالنسبة لأولئك الذين تنظر ملفاتهم لدى المفوضية العليا للاجئين، فكان من الواجب إبلاغ المفوضية بعدم رغبة السلطات السورية بقائهم على أرضها، بما يساهم في تسريع النظر في طلبات اللجوء التي تقدموا بها

في كل الأحوال، لا تتحمل السلطات السورية وحدها المسؤولية عن الخطر المحدق بحياة هؤلاء الذين تم تسليمهم، أو المهددين بالتسليم إلى إيران

مفوضية اللاجئين تتحمل جزءا من هذه المسؤولية، بسبب قصر آلياتها وصلاحياتها عن حماية الأشخاص الحاملين لصفة لاجئ من إجراءات تعسفية ضدهم من قبل الدولة المعنية.هذه الإجراءات التي تتخذ كما أسلفنا بحجة أن أولئك الأشخاص يشكلون خطرا على الأمن العام في الدولة، وكأن معظم انتهاكات حقوق الإنسان لا تتم تحت هذا الادعاء

و السلطات الهولندية - في حالة السيد فالح المنصوري – تتحمل جزءا من المسؤولية. أربعة أشهر مضت على اعتقال المنصوري، والهولنديين يخاطبون الخارجية السورية للسؤال عنه، فيما هو يقبع بين أيدي السلطات الإيرانية. بحيث لا يستطيع المرء إلا أن يتساءل فيما إذا كان ما قامت به الخارجية الهولندية كان جديا بما فيه الكفاية لحماية المنصوري من التسليم قبل أن يصبح في يد السلطات الإيرانية، التي تستطيع أن تتجاهل الاحتجاجات الهولندية على اعتبار أنه يحمل أيضا الجنسية الإيرانية.لا بد من التذكير هنا، بأن حماية أي إنسان من الترحيل أو التسليم إلى دولة قد تكون فيها حياته وسلامته في خطر، لا يرتبط على الإطلاق ب"عدالة" القضية التي يحملها أو يدافع عنها من عدمها. ولا علاقة لها بموقفنا من خطه السياسي أو الفكري أوالعقائدي... ويستوي هنا تسليم مناضل سياسي سلمي أو شخصمتهم بالانتماء إلى جماعة أصولية أو غير ذلك. ويستوي أن يكون التسليم قد تم من الدول الغربية إلى الدول العربية كما حصل ويحصل مرارا وتكرارا، أو أن يكون قد تم من الدول العربية إلى "الدول الشقيقة أو الصديقة" أو تلك التي لا تربطها بها لا أخوة و لا صداقة إلا عندما يتعلق الأمر بتسليم واستلام البشر. وبطبيعة الحال تتم هذه العملية بين الدول الأكثر انتهاكا للحقوق وممارسة للتعذيب وإساءة المعاملة. يتعلق الأمر أولا وأخيرا، بعدم الزج بحقوق الإنسان في قذارة التحالفات والمصالح السياسية. وبحقوق أساسية ضمِنها القانون الدولي لحقوق الإنسان نظريا، بدون وجود ما يشير إلى أنها قد تصبح واقعا عمليا في المستقبل القريب

(source)

bottom of page