أعدتَ لي كرامتي
ويا نصر الله يا حبيب..اضرب اضرب تلَ أبيب..(وجاي النصر، النصر قريب!)..و"البيت الشعري" الأخير من تأليفي. وما سبقه من تأليف ابن الجيران، وطالب الجامعة والناطق باسم الجريدة الرسمية والناشطفي الحزب المعارض إياه. وتمر الجموع الهادرة من تحت نافذتي ..شظايا النصر المرتقب تصب مباشرة في بؤبؤ العين..عمى انتصارات زائفة وما هو أقسى
مسكين الشعب اللبناني! قتل منه خمسون، مئة ، خمسمائة "في عيون الشيطان". والشيطان ليست له عيون
واضرب اضرب يا حبيب. كرامتنا الممرغة في الوحل انتشت على صدى جهادك المقدس. كل صاروخ على حيفا بحياة عشرة لبنانيين... كل قذيفة على يافا بحياة عشرين لبناني.. قلع عين الشيطان الذي ليست له عيون، يستحق أكثر. أما ضرب تل أبيب، فلا تخجل بالعد ومتابعة العدَ ..حتى آخر لبناني
لدينا ما يكفي من مشاريع الشهداء لتحرير الأرض العربية، لبناء الأمة الإسلامية، ولاستعادة الأندلس أيضا
مع أو ضد "الحرب المفتوحة". مهم جدا لسلامة التصنيف في خانة الوطني أو اللاوطني. لماذا أنت معأو ضد هذه الحرب، هو مجرد ترهات
أي تاريخ بائس وأي حاضر بائس، اختزل النصر إلى دمار جديد يعقب دمار سابق ويؤسس لدمار مستقبلي. وكيف لكرامتنا وخزينا اللذين انتعشا على وقع صواريخ "الحبيب"، أن يحدقا في أعين مهجرين وجرحى وقتلى وأرض محروقة. وكأن كرامتنا لا تروي ظمأها إلا من دماء الأبرياء. هكذا يفسرون مفهومالشهادة. وهكذا يرون عماد المقاومة. وهكذا يقررون أساس استرجاع الكرامة المفقودة. وهذا هو أيضا، صلب استهتارنا بقيمة حياة الآخرين وآلامهم
لم تبتدع الجموع العربية الهادرة "كلاما"، شعارات تدعو إلى وقف الاعتداء على لبنان. صاغت قهرها ونصرها المؤقت شعارات تنادي بالمزيد من الانتقام، وهو ما يعني الانتقام المضاد. يسألون كم صاروخا سقط اليوم على حيفا، ولا يتساءل أحد كم قذيفة سقطت على لبنان
وفي المسيرات المتضامنة، يطغى الأصفر "ليغطي لبنان كله"، يطغى الأصفر، وتغيب إلا لماما شجرة الأرزالملفحة بالأحمر. من يرسل القذائف إلى العدو يرفع عاليا على الأكتاف، ومن يتلقى قذائف العدو، هو تحصيل حاصل. لبنان المنكوب يقوم بواجبه في رفع عار الأمة عن كاهلها
ليست القصة أن أكون مع حزب الله أو ضده، مع المقاومة أو ضدها، مع المقاومة الإسلامية أو ضدها، مع المقاومة المحكومة بحسابات إقليمية هنا وهناك أو ضدها. ليست أيضا في تحليل أسباب ما حصل، وهل أخطأ حزب الله أم أصاب، وكيف يجب أن تكون نهاية هذا الجنون. ليست القصة في أن اسرائيل تشن هجوما بربريا ضد لبنان تحت سمع وبصر العالم بأسره. وأن الدول العربية التي عنَفت عملية حزب الله، أدت فرضها والسلام. وتلك التي باركت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين بشدة، تكتفي بالزعيق الذي لا يرد قذيفة عن منزل ولا يحمي صدر طفل من معانقة الموت
القصة في إحساسي بالهزيمة. الهزيمة المنبثقة من هدير الجموع الغاضبة التي هدها الانكسار، والتي لا تجد حرجا بأن تعبر عن "سعادة" أو "نشوة" أو "إحساس بالنصر" تجاه بطولات "المجاهدين". والتي لا ترى فيما يحدث إلا ضرورة دعم المقاومة وصولا إلى ضرب تل أبيب، فيما لبنان يحترق. هذه الشعوب نفسها، التي تنأى بنفسها عن الخروج في مظاهرة ضد قوانين الطوارئ في بلدانها. ضد التعذيب والاعتقال والقهر والفساد وسحق الإنسان. ضد كل ما جعلنا عبيدا وجعل الآخرين أسيادا. هذه الشعوب التي تعي تماما كم هي مهزومة، وترفض أن تدفع من جيبها ثمن استعادة حريتها وإنسانيتها المسلوبة، لم تجد ضيرا في أن يدفع لبنان ثمن استعادة "كرامتها".و"الحبيب" يضرب تل أبيب، والشيطان يضرب قلب لبنان، ومهزومون في مكان ما يهللون ل"نصر" آت على جثث أطفاله
(source)