نحو دعم الحراك الشبابي السوري
كان أول ما طلبه محمد العبد الله من عائلته في زيارتها الأولى له إلى سجن عدرا، كتبه الجامعية. الامتحانات على الأبواب، ومحمد من المفترض أن يتخرج هذا الفصل من كلية الحقوق، حيث كان ينوي متابعة الدراسات العليا في القانون، وكما هو معلوم، فقد اعتقل على خلفية نشاطه في مجال حقوق الإنسان
محمد لن يتقدم للامتحان شأنه شأن أخيه عمر، وزملائه السبعة، ومعظمهم من الطلاب الجامعيين. وهم معتقلون منذ أشهر في سجن صيدنايا بسبب قيام بعضهم بكتابة مقالات في مواقع الكترونية، وعزمهم تأسيس نشاط شبابي مستقل يعنى بقضايا الحريات والديمقراطية
يامن حسن أيضا لن يتقدم للامتحان هذا الفصل، بعد أن تمت معاقبته إثر نشره مقالاً في إحدى المواقع الالكترونية يتحدث فيه عن ظاهرة الفرز الطائفي في جامعته حيث يدرس في كلية العلوم السنة الثانية
أما مسعود حامد طالب كلية الصحافة، الذي كان من المفترض أن يكون قد أنهى دراسته الآن، فلا يزال يقضي مدة حكمه الصادر عن "محكمة" أمن الدولة العليا بسبب مشاركته قبل ثلاث سنوات، في مظاهرة الأطفال الكرد أمام اليونيسيف بدمشق في يوم الطفل العالمي، وكذلك الحال مع شفان عبده الطالب في كلية الهندسة، والمعتقل منذ آذار /2004/، وآخرين
هؤلاء لا يشكلون نسبة كبيرة من الطلاب. على العكس هم قلة قليلة دفعها وسواس الحرية إلى المجازفة بمستقبلها الدراسي والمهني، وأغلبهم لا يتحدرون من أحزاب أو تنظيمات، ولا خبرة طويلة لهم في العمل العام
هؤلاء هم "طفرة" الجامعات السورية التي تم تنحية طلابها وطالباتها عن مكامن إبداعهم، وحيويتهم. وفيما يستنكف الجيل الشاب السوري عن ممارسة حقه في "شبابيته"، في الحلم بحرية، والعمل بحرية، والمشاركة بحرية؛ ظهر العشرات من الشبان والشابات "كالعشب بين مفاصل صخرة"، متمردين على آلة القمع السلطوي، والاجتماعي على السواء
ومن المؤسف أن لا تلقى الاعتقالات، والانتهاكات التي تعرض لها الطلاب-الطفرة- الاهتمام المفترض على مختلف الأصعدة. خاصة، وأن من شأن الممارسات الأمنية الهادفة إلى وأد هذا النشاط، وهو في مهده، خلق انتكاسة لدى بقية الشباب المهتم بالشأن العام، يمكن الحد منها بإيلاء هذه الممارسات حقها من التنديد، والرفض محلياً، عربياً، ودولياً
فعلى غرار تضامن البرلمانات الأوروبية مع النائبين المعتقلين السابقين حمصي، وسيف، وتضامن المثقفين العرب مع الكاتب المعتقل ميشيل كيلو...الخ، يمكن إيجاد حالة من التضامن الطلابي في دول أخرى مع طلابنا المنتهكة حقوقهم، وللمنظمات الحقوقية التي اكتفت بإصدار البيانات الآنية لحظة اعتقالهم، أن تتابع قضيتهم بشكل مستمر، وللمواقع التي تنشر صور معتقلي الرأي، والضمير في سوريا، أن تضيف إليها صور الطلاب المعتقلين ليحضروا دائما أمام نظرنا، ويلحوا على تفكيرنا بعدم تجاهلهم، ولبقية الشباب السوري الناشط في الشأن العام – على قلته- أن يتضامن مع أقرانه ضمن الممكن، بعريضة، أو مقالة، أو أغنية، أو قصيدة شعر حتى!! وأبدأ من نفسي، فأدعو للتوقيع على عريضة المطالبة بالإفراج عن الشبان الثمانية المعتقلين على الموقع
http://www.petitiononline.com/fsym/petition.html
مع التأكيد على أن التوقيع على العريضة يفترض أن يكون الخطوة الأولى لا الأخيرة في أي حملة تضامن يراد لها تحقيق الأثر المرجو.."نحو أشكال عمل أكثر حضوراً، وتأثيرا"، كما علق أحد الموقعين
(source)